فصل: خُلْعُ الْمَرِيضِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)



.فِي خُلْعِ الْأَمَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَةِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اخْتَلَعَتْ الْأَمَةُ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْخُلْعُ جَائِزٌ وَالْمَالُ مَرْدُودٌ إذَا لَمْ يَرْضَ السَّيِّدُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أُعْتِقَتْ الْأَمَةُ بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ يَلْزَمُهَا ذَلِكَ الْمَالُ؟
قَالَ: لَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِمَالٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، قَالَ وَهِيَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْأَمَةِ الَّتِي قَالَ مَالِكٌ فِيهَا: إنَّهُ لَا يَجُوزُ خُلْعُهَا إذَا رَدَّ ذَلِكَ سَيِّدُهَا لَا يَجُوزُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: أَكْرَهُ أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّ وَلَدِهِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَسَمِعَتْ رَبِيعَةَ يَقُولُ ذَلِكَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَنْكَحَهَا وَهُوَ جَاهِلٌ، أَيَفْسُدُ نِكَاحُهُ؟
قَالَ: لَمْ أُوقِفَ مَالِكًا عَلَى هَذَا الْحَدِّ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا أَرَى أَنْ يُفْسَخَ نِكَاحُهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ يُبَيِّنُ ضَرَرَهَا بِهَا فَأَرَى أَنْ يُفْسَخَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَةَ إذَا أَذِنَ لَهَا سَيِّدُهَا أَنْ تَخْتَلِعَ مِنْ زَوْجِهَا بِمَالٍ تُعْطِيهِ إيَّاهُ، أَيَجُوزُ هَذَا أَوْ أَذِنَ لَهَا أَنْ تَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهَا أَيَجُوزُ هَذَا؟
قَالَ: قَوْلُ مَالِكٍ إنَّهُ جَائِزٌ إذَا أَذِنَ لَهَا وَقَالَ رَبِيعَةُ تَخْتَلِعُ الْحُرَّةُ مِنْ الْعَبْدِ وَلَا تَخْتَلِعُ الْأَمَةُ مِنْ الْعَبْدِ إلَّا بِإِذْنِ أَهْلِهَا.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ أَنَّهُ سَمِعَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ إذَا افْتَدَتْ الْأَمَةُ مِنْ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا رَدَّ الْفِدَاءَ وَمَضَى الصُّلْحُ.

.خُلْعُ الْمَرِيضِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ فِي مَرَضِهِ فَمَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ أَتَرِثُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ، تَرِثُهُ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا أَوْ خَيَّرَهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ أَتَرِثُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ تَرِثُهُ.
قُلْتُ: وَلِمَ وَهُوَ لَمْ يَفِرَّ مِنْهَا إنَّمَا جَعَلَ ذَلِكَ إلَيْهَا فَفَرَّتْ بِنَفْسِهَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: كُلُّ طَلَاقٍ وَقَعَ فِي مَرَضٍ فَالْمُبَارَأَةُ لِلْمَرْأَةِ إذَا مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَبِسَبَبِهِ كَانَ ذَلِكَ لَهَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْت إنْ اخْتَلَعَتْ الْمَرِيضَةُ مِنْ زَوْجِهَا فِي مَرَضِهَا مِنْ جَمِيعِ مَالِهَا، أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ.
قُلْتُ: أَيَرِثُهَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَرِثُهَا، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْن نَافِعٍ وَأَنَا أَرَى إنْ كَانَ صَالَحَهَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْهَا - إنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ وَإِنْ كَانَ صَالَحَهَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مِيرَاثِهَا أَوْ مِثْلِهِ أَوْ أَقَلَّ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْهَا فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ.
قُلْتُ: وَلَا يَتَوَارَثَانِ؟
قَالَ: لَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اخْتَلَعَتْ الْمَرْأَةُ بِمَالِهَا مِنْ زَوْجِهَا وَالزَّوْجُ مَرِيضٌ أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، ذَلِكَ جَائِزٌ وَلَهَا الْمِيرَاثُ إنْ مَاتَ وَلَا مِيرَاثَ لَهُ مِنْهَا إنْ مَاتَتْ هِيَ.
قُلْتُ: لِمَ؟
قَالَ: لِأَنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فِي مَرَضِهِ فَهُوَ فَارٌّ وَإِنْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ لَمْ يَرِثْهَا الزَّوْجُ، وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ وَرِثَتْهُ الْمَرْأَةُ، فَلِذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ فِي الصُّلْحِ أَيْضًا، وَمَا اخْتَلَعَتْ بِهِ مِنْهُ فَهُوَ لَهُ وَهُوَ مَالٌ مِنْ مَالِهِ لَا تَرْجِعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ أَنَّهُ سَأَلَ رَبِيعَةَ عَنْ الْمَرْأَةِ هَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَخْتَلِعَ مِنْ زَوْجِهَا وَهِيَ مَرِيضَةٌ؟
قَالَ: لَا يَجُوزُ خُلْعُهَا وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَمْ تَزَلْ امْرَأَةٌ تُوصِي لِزَوْجِهَا حِينَ تَسْتَيْقِنُ بِالْمَوْتِ إلَّا فَعَلَتْ.
قَالَ ابْنُ نَافِعٍ: إنَّ الطَّلَاقَ يَمْضِي عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا قَدْرُ مِيرَاثِهِ، مِثْلَ مَا فَسَّرَ ابْنُ الْقَاسِمِ.
قَالَ: وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ قَالَ مَالِكٌ: وَيَكُونُ الْمَالُ مَوْقُوفًا حَتَّى يَصِحَّ أَوْ يَمُوتَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا فِي مَرَضِهِ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَمَاتَتْ أَيَرِثُهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَرِثُهَا.
قُلْتُ: فَإِنْ مَاتَ هُوَ أَتَرِثُهُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: تَرِثُهُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَكُلُّ طَلَاقٍ كَانَ فِي الْمَرَضِ بِأَيِّ وَجْهٍ مَا كَانَ فَإِنَّ الزَّوْجَ لَا يَرِثُ فِيهِ امْرَأَتَهُ إنْ مَاتَتْ وَهِيَ تَرِثُهُ إنْ مَاتَ.
قَالَ مَالِكٌ: لِأَنَّ الطَّلَاقَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ.
قُلْتُ: فَإِذَا خَالَعَهَا بِرِضَاهَا لِمَ جَعَلَ مَالِكٌ لَهَا الْمِيرَاثَ؟
قَالَ: لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: وَإِذَا جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَلَهَا الْمِيرَاثُ.
قُلْتُ: لِمَ جَعَلَ مَالِكٌ لَهَا الْمِيرَاثَ؟
قَالَ: لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا كَانَ السَّبَبُ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ فَلَهَا الْمِيرَاثُ.

.مَا جَاءَ فِي الصُّلْحِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ صَالَحَهَا عَلَى أَنْ أَخَّرَتْ الزَّوْجَ بِدَيْنٍ لَهَا عَلَيْهِ إلَى أَجَلٍ مِنْ الْآجَالِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الصُّلْحُ جَائِزٌ وَلَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ بِالْمَالِ حَالًا وَلَا تُؤَخِّرُهُ إلَى الْأَجَلِ الَّذِي أَخَّرَتْهُ إلَيْهِ عِنْدَ الصُّلْحِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ صَالَحَهَا عَلَى ثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا مَا أَخْبَرْتُكَ مِنْ السَّلَفِ، وَاَلَّذِي ذَكَرْته لَكَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ: كُلُّ صَفْقَةٍ وَقَعَتْ بِصُلْحٍ حَرَامٍ، فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَيُرَدُّ الْحَرَامُ، فَأَرَى إذَا أَعْطَتْهُ ثَمَرًا قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ عَلَى أَنْ خَالَعَهَا فَالْخُلْعُ جَائِزٌ وَالثَّمَرُ لِلزَّوْجِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا أَجَازَهُ وَإِنْ صَالَحَهَا بِثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ أَوْ بِعَبْدٍ آبِقٍ أَوْ بِجَنِينٍ فِي بَطْنِ أُمِّهِ فَأَجَازَهُ مَالِكٌ وَجَعَلَ لَهُ الْجَنِينَ يَأْخُذُهُ بَعْدَ الْوَضْعِ، وَالْآبِقُ يَتْبَعُهُ وَالثَّمَرَةُ يَأْخُذُهَا، وَأَنَا أَرَاهُ جَائِزًا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا يَكُونُ لِلزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ إذَا رَدَّ إلَيْهَا مَالَهَا الَّذِي أَخَّرَتْهُ عَلَى الزَّوْجِ حِينَ صَالَحَتْهُ أَوْ أَسْلَفَتْهُ إلَى أَجَلٍ، عَلَى أَنْ صَالَحَهَا فَرَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهَا مَكَانَهُ وَلَمْ يُتْرَكْ إلَى أَجَلِهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا يَكُونُ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَكَذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِلزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ صَدَاقُ مِثْلِهَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَجُوزُ فِي الصُّلْحِ مِمَّا يُرَدُّ عَلَى الْمَرْأَةِ وَيَمْضِي عَلَيْهِ الْخُلْعُ.

.فِي مُصَالَحَةِ الْأَبِ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْت الصَّبِيَّ أَيَجُوزُ عَلَيْهِ طَلَاقُ الْأَبِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ طَلَاقُ الْأَبِ وَيَجُوزُ صُلْحُ الْأَبِ عَنْهُ وَيَكُونُ تَطْلِيقَةً.
قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ إذَا زَوَّجَ يَتِيمَهُ عِنْدَهُ صَغِيرًا جَازَ نِكَاحُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُصَالِحَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ وَيَكُونُ هَذَا الصُّلْحُ مِنْ الْأَبِ، وَالصُّلْحُ تَطْلِيقَةٌ عَلَى الصَّبِيِّ، وَإِنْ طَلَّقَ الْوَصِيُّ امْرَأَةَ يَتِيمِهِ لَمْ يَجُزْ.
قُلْتُ: أَيَجُوزُ أَنْ يُنْكِحَ الصَّبِيَّ أَوْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ سِوَى الْأَبِ؟
قَالَ: لَمْ يَقُلْ لِي مَالِكٌ إنَّهُ يَجُوزُ عَلَى الصَّبِيِّ فِي النِّكَاحِ وَالصُّلْحِ عَنْهُ إلَّا الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنَا أَرَى إنْ كَانَ هَذَا الْيَتِيمُ لَا وَصِيَّ لَهُ يَجْعَلُ الْقَاضِي لَهُ خَلِيفَةً يَقُومُ بِأَمْرِهِ فَزَوَّجَهُ أَوْ صَالَحَ عَلَيْهِ أَرَى أَنْ يَجُوزَ كَمَا يَجُوزُ لِوَصِيِّ الْأَبِ قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ الْأَبُ هُوَ الَّذِي زَوَّجَ الِابْنَ فَمَاتَ وَابْنُهُ صَغِيرٌ، ثُمَّ صَالَحَ عَنْهُ الْوَصِيُّ امْرَأَةَ الصَّبِيِّ، أَيَجُوزُ هَذَا الصُّلْحُ عَلَى الصَّبِيِّ وَيَكُونُ تَطْلِيقَةً؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّ الْأَبَ إذَا صَالَحَ عَلَى الصَّبِيِّ امْرَأَةَ الصَّبِيِّ أَوْ الْوَصِيُّ فَذَلِكَ تَطْلِيقَةٌ ثَابِتَةٌ عَلَى الصَّبِيِّ إنْ كَبِرَ بَعْدَ الْيَوْمِ فَتَزَوَّجَهَا وَهُوَ صَغِيرٌ ثُمَّ كَبِرَ فَطَلَّقَهَا تَطْلِيقَتَيْنِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ؟
قَالَ: نَعَمْ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْجَارِيَةَ إنْ زَوَّجَهَا أَبُوهَا وَلَمْ تَحِضْ وَمِثْلُهَا يُجَامَعُ فَجَامَعَهَا زَوْجُهَا، ثُمَّ صَالَحَ الْأَبُ الزَّوْجَ عَلَى أَنْ تَرُدَّ صَدَاقَهَا لِلزَّوْجِ، أَيَكُونُ ذَلِكَ جَائِزًا عَلَى الْجَارِيَةِ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الْبِنْتِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَمْ تَحِضْ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا إنَّ لِأَبِيهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا كَمَا يُزَوِّجُ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ، فَمَسْأَلَتُكَ فِي الْأَبِ إنْ صَالَحَ عَنْهَا زَوْجَهَا وَلَمْ تَحِضْ وَهِيَ بِنْتٌ صَغِيرَةٌ بَعْدُ، إنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ قَدْ جُومِعَتْ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُنْكِحَهَا وَيَجُوزُ إذْنُهُ عَلَيْهَا، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ أَرَى أَنْ يَجُوزَ صُلْحُهُ عَلَيْهَا وَهُوَ رَأْيِي.

.فِي اتِّبَاعِ الصُّلْحِ بِالطَّلَاقِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا صَالَحَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فِي مَجْلِسِهِ مِنْ بَعْدِ الصُّلْحِ، أَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ الطَّلَاقُ مَعَ إيقَاعِ الصُّلْحِ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَازِمٌ لِلزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَ انْقَطَعَ الْكَلَامُ الَّذِي كَانَ بِهِ الصُّلْحُ ثُمَّ طَلَّقَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ صَالَحَهَا ثُمَّ ظَاهَرَ مِنْهَا فِي عِدَّتِهَا أَوْ آلَى مِنْهَا؟
قَالَ: يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي الْإِيلَاءِ وَلَا يَلْزَمُهُ فِي الظِّهَارِ إلَّا أَنْ يَقُولَ إنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَهَذَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ مَالِكٍ إنْ تَزَوَّجَهَا الظِّهَارُ، وَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ قَبْلَ ذَلِكَ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ إنْ تَزَوَّجَهَا فَهُوَ مُظَاهِرٌ، فَهَذَا يَكُونُ إنْ تَزَوَّجَهَا مُظَاهِرًا؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي رَجُلٍ لَهُ امْرَأَتَانِ صَالَحَ إحْدَاهُمَا، فَقَالَتْ لَهُ الثَّانِيَةُ إنَّك سَتُرَاجِعُ فُلَانَةَ.
قَالَ: هِيَ طَالِقٌ أَبَدًا فَرَدَّدَهُ مَالِكٌ مِرَارًا فَقَالَ لَهُ مَا نَوَيْتَ قَالَ لَهُ الرَّجُلُ لَمْ يَكُنْ لِي نِيَّةٌ وَإِنَّمَا خَرَجَتْ مِنِّي مُسْجَلَةً.
قَالَ: أَرَى إنْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ مِنْك مَرَّةً وَاحِدَةً وَتَكُونُ خَاطِبَا مِنْ الْخُطَّابِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا جَعَلَهَا حِينَ كَانَ جَوَابًا بِالْكَلَامِ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ تَزَوَّجَهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَكَذَلِكَ مَا أَخْبَرْتُكَ بِهِ مِنْ الظِّهَارِ إذَا كَانَ قَبْلَهُ كَلَامٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا ذَكَرْت لَكَ فِي مَسْأَلَةِ الرَّجُلِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إذَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَصَالَحَهَا ثُمَّ دَخَلَتْ الدَّارَ بَعْدَ الصُّلْحِ مَكَانَهَا، أَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا أَمْ لَا؟
قَالَ: إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ ثُمَّ دَخَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِدُخُولِهَا ذَلِكَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: إنْ لَمْ أَقْضِ فُلَانًا حَقَّهُ إلَى يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ، فَلَمَّا دَخَلَ ذَلِكَ الْوَقْتُ وَخَافَ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ دَعَاهَا إلَى أَنْ يُصَالِحَهَا فِرَارًا مِنْ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ، فَصَالَحَتْهُ بِذَلِكَ وَهُوَ يُرِيدُ رَجْعَتَهَا بَعْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ، أَيَجُوزُ لَهُ هَذَا الصُّلْحُ وَلَا يَكُونُ حَانِثًا إنْ لَمْ يَقْضِ فُلَانًا حَقَّهُ؟
قَالَ: نَعَمْ، لَا يَكُونُ حَانِثًا وَبِئْسَ مَا صَنَعَ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.
قُلْتُ: لِمَ يَكُونُ بِئْسَمَا صَنَعَ مَنْ فَرَّ مِنْ الْحِنْثِ؟
قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ بِئْسَمَا صَنَعَ وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ.
قَالَ: فَإِنْ فَعَلَ لَمْ أَرَهُ حَانِثًا؛ لِأَنَّهُ مَضَى الْوَقْتُ وَلَيْسَتْ لَهُ بِامْرَأَةٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ مَا مَضَى الْوَقْتُ، فَلَمْ يَقْضِ فُلَانًا حَقَّهُ، أَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَيَحْنَثُ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا يَكُونُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ.

.جَامِعُ الصُّلْحِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ صَالَحَهَا عَلَى طَعَامٍ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ عَرَضٍ مِنْ الْعُرُوضِ مَوْصُوفٍ إلَى أَجَلٍ مِنْ الْآجَالِ أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: وَيَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا بِذَلِكَ رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ الطَّعَامَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ؟
قَالَ: أَكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ عِنْدِي مَحْمَلُ الْبُيُوعِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اصْطَلَحَ عَلَى دَيْنٍ فَبَاعَهُ مِنْهَا بِعَرَضٍ إلَى أَجَلٍ مِنْ الْآجَالِ أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا دَيْنٌ بِدَيْنٍ فَلَا يَجُوزُ وَهَذَا وَالْبَيْعُ سَوَاءٌ وَيَرْجِعُ فَيَكُونُ لَهُ الدَّيْنُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ صَالَحَهَا عَلَى أَنْ أَعْطَتْهُ عَبْدًا بِعَيْنِهِ، فَأَعْطَتْهُ ذَلِكَ الْعَبْدَ إلَى أَجَلٍ مِنْ الْآجَالِ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ مَالِكٌ: إذَا صَالَحَهَا عَلَى دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهَا إلَى أَجَلٍ مِنْ الْآجَالِ عَلَى أَنْ أَعْجَلَتْ لَهُ ذَلِكَ الدَّيْنَ قَبْلَ الْأَجَلِ.
قَالَ مَالِكٌ: فَالدَّيْنُ إلَى أَجَلِهِ وَالْخُلْعُ جَائِزٌ، فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الَّذِي صَالَحَهَا عَلَيْهِ إلَى أَجَلٍ مِنْ الْآجَالِ عَلَى أَنْ لَا تَدْفَعَ إلَيْهِ الْعَبْدَ إلَّا إلَى أَجَلٍ مِنْ الْآجَالِ، فَهُوَ حَالٌّ وَالْخُلْعُ جَائِزٌ وَالْأَجَلُ فِيهِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي فِي كُلِّ صَفْقَةٍ وَقَعَتْ بِالصُّلْحِ فِيهَا حَلَالٌ وَحَرَامٌ إنَّ الْخُلْعَ جَائِزٌ، وَالْحَلَالُ مِنْهَا يَثْبُتُ وَالْحَرَامُ بَاطِلٌ، وَالشَّرْطُ فِي مَسْأَلَتِكَ فِي تَأْخِيرِ الْعَبْدِ لَا يَصْلُحُ وَالصُّلْحُ عَلَى الْعَبْدِ جَائِزٌ فَطَرَحْنَا مِنْ هَذَا مَا لَا يَصْلُحُ وَجَوَّزْنَا مِنْهُ مَا يَصْلُحُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْت إنْ صَالَحَهَا عَلَى عَرَضٍ مَوْصُوفٍ إلَى أَجَلٍ مِنْ الْآجَالِ، أَيَصْلُحُ لَهُ أَنْ يُتْبِعَهَا مِنْهَا بِدَيْنٍ إلَى أَجَلٍ؟
قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ هَذَا مِثْلُ الْبُيُوعِ وَهَذَا يَصِيرُ دَيْنًا بِدِينٍ.

.مَا جَاءَ فِي حَضَانَةِ الْأُمِّ:

قُلْتُ: كَمْ يُتْرَكُ الْغُلَامُ فِي حَضَانَةِ الْأُمِّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: حَتَّى يَحْتَلِمَ، ثُمَّ يَذْهَبُ الْغُلَامُ حَيْثُ شَاءَ.
قُلْتُ: فَإِنْ احْتَاجَ الْأَبُ إلَى الْأَدَبِ أَنْ يُؤَدِّبَ ابْنَهُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُؤَدِّبُهُ بِالنَّهَارِ وَيَبْعَثُهُ إلَى الْكُتَّابِ وَيَنْقَلِبُ إلَى أُمِّهِ بِاللَّيْلِ فِي حَضَانَتِهَا، وَيُؤَدِّبُهُ عِنْدَ أُمِّهِ وَيَتَعَاهَدُهُ عِنْدَ أُمِّهِ وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إلَّا أَنْ تَتَزَوَّجَ.
قَالَ: فَقُلْت لِمَالِكٍ: إذَا تَزَوَّجَتْ وَهُوَ صَغِيرٌ يَرْضَعُ أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ فَأَخَذَهُ أَبُوهُ أَوْ أَوْلِيَاؤُهُ، ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا أَيُرَدُّ إلَى أُمِّهِ؟
قَالَ: لَا، ثُمَّ قَالَ لِي مَالِكٌ أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَتْ ثَانِيَةً أَيُؤْخَذُ مِنْهَا ثُمَّ إنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَيُرَدُّ إلَيْهَا أَيْضًا الثَّالِثَةَ لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ إذَا سَلَّمَتْهُ مَرَّةً فَلَا حَقَّ لَهَا فِيهِ، فَقِيلَ لِمَالِكٍ: مَتَى يُؤْخَذُ مِنْ أُمِّهِ أَحِينَ عَقْدِ نِكَاحِهَا أَوْ حِينَ يَدْخُلُ بِهَا زَوْجُهَا؟
قَالَ: بَلْ حِينَ يَدْخُلُ بِهَا زَوْجُهَا وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا الْوَلَدُ قَبْلَ ذَلِكَ.
قُلْتُ: وَالْجَارِيَةُ حَتَّى مَتَى تَكُونُ الْأُمُّ أَوْلَى بِهَا إذَا فَارَقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: حَتَّى تَبْلُغَ النِّكَاحَ وَيُخَافَ عَلَيْهَا، فَإِذَا بَلَغَتْ النِّكَاحَ وَخِيفَ عَلَيْهَا نَظَرَ فَإِنْ كَانَتْ أُمُّهَا فِي حِرْزٍ وَمَنَعَةٍ وَتَحْصِينٍ كَانَتْ أَحَقَّ بِهَا أَبَدًا حَتَّى تَنْكِحَ وَإِنْ بَلَغَتْ ابْنَتُهَا ثَلَاثِينَ سَنَةً أَوْ أَرْبَعِينَ سَنَةً مَا كَانَتْ بِكْرًا فَأُمُّهَا أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ تُنْكَحُ الْأُمُّ أَوْ يَخَفْ عَلَيْهَا فِي مَوْضِعِهَا، فَإِنْ خِيفَ عَلَى الْبِنْتِ فِي مَوْضِعِ الْأُمِّ وَلَمْ تَكُنْ الْأُمُّ فِي تَحْصِينٍ وَلَا مَنَعَةٍ أَوْ تَكُونُ الْأُمُّ لَعَلَّهَا لَيْسَتْ بِمُرْضِيَةٍ فِي حَالِهَا ضَمَّ الْجَارِيَةَ أَبُوهَا أَوْ أَوْلِيَاؤُهَا إذَا كَانَ فِي الْمَوْضِعِ الَّتِي تَصِيرُ إلَيْهِ كَفَالَةٌ وَحِرْزٌ.
قَالَ مَالِكٌ: رُبَّ رَجُلٍ شِرِّيرٍ سِكِّيرٍ يَتْرُكُ ابْنَتَهُ وَيَذْهَبُ يَشْرَبُ أَوْ يُدْخِلُ عَلَيْهَا الرِّجَالَ بِهَذَا لَا تُضَمُّ إلَيْهِ أَيْضًا بِشَيْءٍ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَأَرَى أَنْ يَنْظُرَ السُّلْطَانُ لِهَذَا.
قُلْت: حَتَّى مَتَى تُتْرَكُ الْجَارِيَةُ وَالْغُلَامُ عِنْدَ الْجَدَّةِ وَالْخَالَةِ؟
قَالَ: يُتْرَكُ الْغُلَامُ وَالْجَارِيَةُ عِنْدَ الْجَدَّةِ وَالْخَالَةِ إلَى حَدِّ مَا يُتْرَكَانِ عِنْدَ الْأُمِّ، وَقَدْ وَصَفْتُ لَكَ ذَلِكَ إذَا كَانُوا فِي كِفَايَةٍ وَحِرْزٍ وَلَمْ يُخْفَ عَلَيْهِمْ.
قُلْتُ: فَهَلْ ذَكَرَ مَالِكٌ الْكِفَايَةَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: إذَا كَانُوا فِي ثِقَةٍ وَلَا كِفَايَةَ فَلَا تُعْطَى الْجَدَّةُ الْوَلَدَ وَلَا الْوَالِدُ إذَا كَانُوا لَيْسُوا بِمَأْمُونَيْنِ وَلَا يُؤْخَذُ الْوَلَدُ إلَّا مِنْ قِبَلِ الْكِفَايَةِ لَهُمْ، فَرُبَّ جَدَّةٍ لَا تُؤْمَنُ عَلَى الْوَلَدِ وَرُبَّ وَالِدٍ يَكُونُ سَفِيهًا سِكِّيرًا يَدْعُ وَلَدَهُ.
قُلْتُ: وَإِنَّمَا الْكِفَايَةُ الَّتِي قَالَ مَالِكٌ إنَّمَا هُوَ مِثْلُ مَا وَصَفْت لِي؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُضَرَّ بِالْوَلَدِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ لِلْوَلَدِ فِي ذَلِكَ بِاَلَّذِي هُوَ أَكْفَأُ وَأَحْرَزُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فَتَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ وَلَهُ مِنْهَا أَوْلَادٌ صِغَارٌ وَجَدَّتُهُمْ لِأُمِّهِمْ فِي بَعْضِ الْبَلَدَانِ وَجَدَّتُهُمْ لِأَبِيهِمْ مَعَ الصَّبِيَّانِ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ أَوْ عَمَّتُهُمْ أَوْ خَالَتُهُمْ مَعَهُمْ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ، أَيَكُونُ لِهَؤُلَاءِ الْحُضُورِ حَقٌّ فِي الصِّبْيَانِ وَجَدَّتُهُمْ لِأُمِّهِمْ الَّتِي هِيَ أَحَقُّ بِالصِّبْيَانِ مِنْ هَؤُلَاءِ مُسَاكَنَةٌ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْأَبِ؟
قَالَ: الَّذِي سَمِعْت مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَبَلَغَنِي أَنَّ الْجَدَّةَ أُمَّ الْأُمِّ أَوْلَى مِنْ الْخَالَةِ، وَالْخَالَةَ أَوْلَى مِنْ الْجَدَّةِ لِلْأَبِ وَالْجَدَّةَ لِلْأَبِ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ وَالْأُخْتَ أَوْلَى مِنْ الْعَمَّةِ وَالْعَمَّةَ أَوْلَى مِمَّنْ بَعْدَهَا وَلَا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَمَّا الْجَدَّةُ أُمُّ الْأُمِّ فَإِذَا كَانَتْ بِغَيْرِ بِلَادِ الْأَبِ الَّتِي هُوَ بِهَا فَالْخَالَةُ أَوْلَاهُمَا وَالْأَبُ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ وَالْعَمَّةُ وَالْجَدَّةُ وَالْخَالَةُ أَوْلَى مِنْ الْأَبِ، وَاَلَّذِي سَأَلْت عَنْهُ إذَا كَانَتْ الْجَدَّةُ لِلْأُمِّ فِي غَيْرِ بِلَادِ الْأَبِ،
وَتَزَوَّجَتْ الْأُمُّ وَالْخَالَةُ بِحَضْرَةِ الصِّبْيَانِ فَالْحَقُّ لِلْخَالَةِ فِي الصِّبْيَانِ؛ لِأَنَّ الْجَدَّةَ إذَا كَانَتْ غَائِبَةً فَلَا حَقَّ لَهَا فِي الصِّبْيَانِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَعَ الْأَبِ فِي مِصْرٍ وَاحِدَةٍ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتَةِ، فَالْحَقُّ لِلْخَالَةِ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْجَدَّةِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ طَلَّقَهَا فَتَزَوَّجَتْ وَلَهُ مِنْهَا أَوْلَادٌ صِغَارٌ وَقَدْ مَاتَ الْأَبُ وَلَهُمْ جَدَّةٌ لِأَبِيهِمْ أَوْ عَمَّةٌ أَوْ خَالَةٌ أَوْ أُخْتٌ، مَنْ أَوْلَى بِالصِّبْيَانِ أَهَؤُلَاءِ اللَّاتِي ذَكَرْت لَكَ، أَمْ الْأَوْلِيَاءُ الْجَدُّ وَالْعَمُّ وَابْنُ الْعَمِّ وَالْعَصَبَةُ وَمَا أَشْبَهَهُمْ فِي قَوْلِ مَالِكَ؟
قَالَ: الَّذِي سَمِعْت مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ الْجَدَّةُ وَالْعَمَّةُ وَالْأُخْتُ إذَا كَانُوا فِي كِفَايَةٍ كَانُوا أَحَقَّ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ، وَالْجَدَّةُ لِلْأَبِ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ، وَالْأُخْتُ أَوْلَى مِنْ الْعَمَّةِ، وَالْعَمَّةُ أَوْلَى مِنْ الْأَوْلِيَاءِ إذَا كَانُوا يَأْخُذُونَهُمْ إلَى كِفَايَةٍ وَإِلَى حَضَانَةٍ قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ طَلَّقَهَا وَالْوَلَدُ صِغَارٌ فَكَانُوا فِي حِجْرِ الْأُمِّ، فَأَرَادَ الْأَبُ أَنْ يَرْتَحِلَ إلَى بَعْضِ الْبُلْدَانِ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ أَوْلَادَهُ وَيُخْرِجَهُمْ مَعَهُ وَإِنَّمَا كَانَ تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي طَلَّقَهَا فِيهِ جَمِيعًا مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ الَّتِي تَزَوَّجَهَا فِيهَا وَطَلَّقَهَا فِيهَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ لِلْأَبِ أَنْ يُخْرِجَ وَلَدَهُ مَعَهُ إلَى أَيِّ بَلَدٍ ارْتَحَلَ إلَيْهِ إذَا أَرَادَ السُّكْنَى.
قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ الْأَوْلِيَاءُ هُمْ فِي أَوْلِيَائِهِمْ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ، لَهُمْ أَنْ يَرْتَحِلُوا بِالصِّبْيَانِ حَيْثُمَا ارْتَحَلُوا تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ أَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ إذَا كَانَتْ رِحْلَةُ الْأَبِ وَالْأَوْلِيَاءِ رِحْلَةَ نُقْلَةٍ، وَكَانَ الْوَلَدُ مَعَ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ مَعَ الْوَالِدِ فِي كِفَايَةٍ، وَيُقَالُ لِلْأُمِّ إنْ شِئْت فَاتْبَعِي وَلَدَكِ وَإِنْ أَبَيْت وَأَنْتِ أَعْلَمُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ إنَّمَا يُسَافِرُ وَيَذْهَبُ وَيَجِيءُ فَلَيْسَ بِهَذَا أَنْ يُخْرِجَهُمْ مَعَهُ عَنْ أُمِّهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَيْسَ لِلْأُمِّ أَنْ تَنْقُلَهُمْ عَنْ الَّذِي فِيهِ وَالِدُهُمْ وَأَوْلِيَاؤُهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إلَى مَوْضِعٍ قَرِيبٍ الْبَرِيدَ وَنَحْوَهُ حَيْثُ يَبْلُغُ الْأَبَ وَالْأَوْلِيَاءَ خَبَرُهُمْ.
قُلْتُ: وَتُقِيمُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي خَرَجَتْ إلَيْهِ إذَا كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْأَبِ الْبَرِيدُ وَنَحْوُهُ؟
قَالَ: نَعَمْ قُلْتُ: حَتَّى مَتَى تَكُونُ الْأُمُّ أَوْلَى بِوَلَدِهَا إذَا فَارَقَهَا زَوْجُهَا؟
قَالَ: أَمَّا الْجَوَارِي فِي قَوْلِ مَالِكٍ فَحَتَّى يَنْكِحَهُنَّ وَيَدْخُلَ بِهِنَّ أَزْوَاجُهُنَّ، وَإِنْ حِضْنَ فَالْأُمُّ أَحَقُّ بِهِنَّ، وَأَمَّا الْغِلْمَانُ فَهِيَ أَحَقُّ بِهِمْ حَتَّى يَحْتَلِمُوا.
قَالَ مَالِكٌ: فَإِذَا بَلَغُوا الْأَدَبَ أَدَّبَهُمْ عِنْدَ أُمِّهِمْ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْأُمَّ إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَمَعَهَا صِبْيَانٌ صِغَارٌ فَتَزَوَّجَتْ، مَنْ أَحَقُّ بِوَلَدِهَا، الْجَدَّةُ أَوْ الْأَبُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْجَدَّةُ أُمُّ الْأُمِّ أَوْلَى مِنْ الْأَبِ.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ أُمُّ الْأُمِّ وَكَانَتْ أُمُّ الْأَبِ؟
قَالَ: هِيَ أَوْلَى مِنْ الْأَبِ إنْ لَمْ تَكُنْ خَالَةٌ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَأُمُّ الْأُمِّ جَدَّةُ الْأُمِّ أَوْلَى بِالصِّبْيَةِ مِنْ الْأَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصِّبْيَةِ أُمٌّ أَقْعَدُ بِالصِّبْيَةِ مِنْهَا؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَمَنْ أَوْلَى بِهَؤُلَاءِ الصِّبْيَانِ إذَا تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ أَوْ مَاتَتْ، أَبُوهُمْ أَوْلَى وَإِخْوَتُهُمْ لِأَبِيهِمْ وَأُمِّهِمْ؟
قَالَ: أَبُوهُمْ.
قُلْتُ: هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ هُوَ قَوْلُهُ.
قُلْتُ: فَمَنْ أَوْلَى بِهَؤُلَاءِ الصِّبْيَانِ الْأَبُ أَمْ الْخَالَةُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْخَالَةُ أَوْلَى بِهِمْ مِنْ الْأَبِ إذَا كَانُوا عِنْدَهَا فِي كِفَايَةٍ.
قُلْتُ: فَمَا مَعْنَى الْكِفَايَةِ؟
قَالَ: أَنْ يَكُونُوا فِي حِرْزٍ وَكِفَايَةٍ.
قُلْتُ: وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْأَبِ؟
قَالَ: نَعَمْ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْأَبِ عِنْدَ مَالِكٍ.
قُلْتُ: فَمَنْ أَوْلَى الْأَبُ أَمْ الْعَمَّةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: الْأَبُ، قَالَ وَلَيْسَ بَعْدَ الْخَالَةِ وَالْجَدَّةِ لِلْأُمِّ وَالْجَدَّةِ لِلْأَبِ أَحَدٌ أَحَقَّ مِنْ الْأَبِ.
قُلْتُ: فَمَنْ أَوْلَى: الْعَصَبَةُ أَمْ الْجَدَّةُ لِلْأَبِ؟
قَالَ: الَّذِي سَمِعْتُ أَنَّ الْجَدَّةَ أُمَّ الْأَبِ أَوْلَى مِنْ الْعَصَبَةِ وَأَرَى الْأُخْتَ وَالْعَمَّةَ وَبِنْتَ الْأَخِ أَوْلَى مِنْ الْعَصَبَةِ.
قُلْتُ: وَيُجْعَلُ الْجَدُّ وَالْعَمُّ وَالْأَخُ وَابْنُ الْأَخِ مَعَ هَؤُلَاءِ النِّسَاءِ مَعَ الْأُخْتِ وَالْعَمَّةِ وَبِنْتِ الْأَخِ بِمَنْزِلَةِ الْعَصَبَةِ أَمْ لَا؟
قَالَ: نَعَمْ، يُنَزَّلُونَ مَعَ مَنْ ذَكَرْت مِنْ النِّسَاءِ بِمَنْزِلَةِ الْعَصَبَةِ.
قُلْتُ: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَهُوَ مُسْلِمٌ وَهِيَ نَصْرَانِيَّةٌ أَوْ يَهُودِيَّةٌ وَمَعَهَا أَوْلَادٌ صِغَارٌ، مَنْ أَحَقُّ بِوَلَدِهَا؟
قَالَ: هِيَ أَحَقُّ بِوَلَدِهَا وَهِيَ كَالْمُسْلِمَةِ فِي وَلَدِهَا إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَيْهَا إنْ بَلَغَتْ مِنْهُمْ جَارِيَةٌ أَنْ لَا يَكُونُوا فِي حِرْزٍ.
قُلْتُ: هَذِهِ تُسْقِيهِمْ الْخَمْرَ وَتُغَذِّيهِمْ بِلُحُومِ الْخَنَازِيرِ فَلِمَ جَعَلَتْهَا فِي وَلَدِهَا بِمَنْزِلَةِ الْمُسْلِمَةِ؟
قَالَ: قَدْ كَانَتْ عِنْدَهُ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهَا وَهِيَ تُغَذِّيهِمْ إنْ أَحَبَّتْ بِلُحُومِ الْخَنَازِيرِ وَبِالْخَمْرِ، وَلَكِنْ إنْ أَرَادَتْ أَنْ تَفْعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مُنِعَتْ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُنْزَعُ الْوَلَدُ مِنْهَا، وَإِنْ خَافُوا أَنْ تَفْعَلَ ضُمَّتْ إلَى نَاسٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِئَلَّا تَفْعَلُهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ مَجُوسِيَّةً أَسْلَمَ زَوْجُهَا وَمَعَهَا وَلَدٌ صِغَارٌ وَأَبَتْ أَنْ تُسْلِمَ، فَفَرَّقْت بَيْنَهُمَا مَنْ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ؟
قَالَ: الْأُمُّ أَحَقُّ.
قَالَ: وَالْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّة وَالْمَجُوسِيَّةُ فِي هَذَا سَوَاءٌ مِثْلُ الْمُسْلِمَةِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ أُمُّهُمْ أَمَةً وَقَدْ عَتَقَ الْوَلَدُ وَزَوْجُهَا حُرٌّ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا مَنْ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ؟
قَالَ: الْأُمُّ أَحَقُّ بِهِ إلَّا أَنْ تُبَاعَ فَتَظْعَنُ إلَى بَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِ الْأَبِ فَيَكُونُ الْأَبُ أَحَقُّ بِهِ، أَوْ يُرِيدَ أَبُوهُ الِانْتِقَالَ لِبَلَدٍ سِوَاهُ فَيَكُونُ أَحَقَّ بِهِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالْعَبْدُ فِي وَلَدِهِ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْوَلَدِ وَبَيْنَ أُمِّهِ كَانَتْ أَمَةً أَوْ حُرَّةً؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ لَهُ مَسْكَنٌ وَلَا قَرَارٌ وَرُبَّمَا يُسَافِرُ بِهِ وَيُظْعَنُ وَيُبَاعُ، فَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ مِمَّنْ أَثِقُ بِهِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَصَبَةَ إذَا تَزَوَّجَتْ أُمُّهُمْ، أَيَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْهَا الْأَوْلَادَ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ فَالْأَوْلِيَاءُ أَوْلَى بِالصِّبْيَانِ مِنْهَا.
قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: الْأَوْلِيَاءُ هُمْ الْعَصَبَةُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَهَذَا كُلُّهُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ بَعْضُهُمْ أَحَقَّ بِذَلِكَ مِنْ بَعْضٍ إذَا كَانَ ذَلِكَ إلَى غَيْرِ كِفَايَةٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَأْمُونًا فِي حَالِهِ أَوْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَخَافُ عَلَى الْأَوْلَادِ وَلَا لِلْعَوْدَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا مِثْلَ الْبِنْتِ قَدْ بَلَغَتْ تَكُونُ عِنْدَ الْأُمِّ أَوْ الْجَدَّةِ وَتَكُونُ غَيْرَ ثِقَةٍ فِي نَفْسِهَا أَوْ تَكُونُ الْبِنْتُ مَعَهَا فِي غَيْرِ حِرْزٍ وَلَا تَحْصِينٍ فَالْأَوْلِيَاءُ أَوْلَى بِذَلِكَ إذَا كَانُوا يَكُونُونَ إلَى كِفَايَةٍ وَحِرْزٍ، وَتَحْصِينُ الْوَالِدِ كَذَلِكَ إنْ كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ، فَرُبَّ وَالِدٍ سَفِيهٍ يَخْرُجُ النَّهَارَ فَيَكُونُ فِي سَفَهِهِ يُضَيِّعُهَا وَيُخَافُ عَلَيْهَا عِنْدَهُ وَيَدْخُلُ عَلَيْهَا رِجَالٌ يَشْرَبُونَ فَهَذَا لَا يُمَكَّنُ مِنْهَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذْ اجْتَمَعَ النِّسَاءُ فِي هَؤُلَاءِ الصِّبْيَانِ وَقَدْ تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ وَلَا جَدَّةَ لَهُمْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ أَوْ لَهُمْ جَدَّةٌ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ لَهَا زَوْجٌ أَجْنَبِيٌّ، مَنْ أَحَقُّ بِهَؤُلَاءِ الصِّبْيَانِ وَقَدْ اجْتَمَعْنَ الْأَخَوَاتُ مُخْتَلِفَاتٌ وَالْجَدَّةُ لِلْأَبِ وَالْجَدَّاتُ مُخْتَلِفَاتٌ وَالْعَمَّاتُ مُخْتَلِفَاتٌ وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ مُخْتَلِفَاتٌ: مَنْ أَوْلَى بِهِمْ لِلصِّبْيَانِ؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَقْعَدُهُنَّ بِالْأُمِّ إذَا كَانَتْ مَحْرَمًا مِنْ الصِّبْيَانِ فَهِيَ أَوْلَى بِالصِّبْيَانِ بَعْدَ الْجَدَّةِ لِلْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْجَدَّةَ لِلْأُمِّ وَالِدَةٌ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى الْأَقْعَدِ بِالْأُمِّ مِنْهُنَّ، إذَا كَانَتْ مَحْرَمًا جَعَلْتُهَا أَوْلَى بِالصِّبْيَانِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَوْلَى النِّعْمَةِ، أَيَكُونُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ إذَا تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ؟
قَالَ: هُوَ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ؛ لِأَنَّهُ وَارِثٌ وَمَوْلَى الْعَتَاقَةِ وَابْنُ الْعَمِّ عِنْدَ مَالِكٍ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْت مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ إذَا تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ، أَيَكُونُ أَوْلَى بِوَلَدِ هَذَا الَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ هُوَ مَوْلَاهُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَنْتَسِبَ إلَيْهِ.
قُلْتُ: وَإِنْ وَالَاهُ؟
قَالَ: نَعَمْ وَإِنْ وَالَاهُ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ وَلَدُهُ مِنْ هَذِهِ الْمُطَلَّقَةِ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ الْخِدْمَةِ لِضَعْفِهِمْ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِثْلُهُ يَقْوَى عَلَى الْخِدْمَةِ أَيُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَخْدُمَهُمْ؟
قَالَ: نَعَمْ عِنْدَ مَالِكٍ وَالْخِدْمَةُ بِمَنْزِلَةِ النَّفَقَةِ إذَا قَوِيَ عَلَى ذَلِكَ الْأَبُ أُخِذَ بِهِ.
قُلْتُ: وَمَا حَدُّ مَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْأُمَّهَاتِ وَالْأَوْلَادِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْعَبِيدِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا حَتَّى يُثْغِرُوا إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ ذَلِكَ بِالصَّبِيِّ.
قَالَ: وَذَلِكَ عِنْدِي حَتَّى يَسْتَغْنِيَ الصَّبِيُّ عَنْ أُمِّهِ بِأَكْلِهِ وَحْدَهُ وَشُرْبِهِ وَلُبْسِهِ وَقِيَامِهِ وَقُعُودِهِ وَمَنَامِهِ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا أَثْغَرَ فَقَدْ اسْتَغْنَى عَنْهَا، قَالَ وَجْهُ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ أُمِّهِ إذَا أَثْغَرَ مَا لَمْ يُعَجِّلْ ذَلِكَ بِهِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْأَبَ وَالْوَلَدَ هَلْ يَنْهَى مَالِكٌ عَنْ التَّفْرِقَةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ كَمَا يَنْهَى عَنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْأَبِ وَوَلَدِهِ إنْ كَانُوا صِغَارًا وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْأُمَّهَاتِ.
قُلْتُ: فَالْجَدَّةُ أُمُّ الْأَبِ وَالْجَدَّةُ أُمُّ الْأُمِّ أَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُمْ وَهُمْ صِغَارٌ وَلَمْ يُثْغِرُوا؟
قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَغَيْرَ عَامٍ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ أُمِّ الْأُمِّ وَبَيْنَهُمْ وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا فِي التَّمَلُّكِ قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْأُمِّ وَحْدَهَا.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ لَهُ إنَّ ابْنِي هَذَا قَدْ كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، فَزَعَمَ أَبُوهُ أَنَّهُ يَنْتَزِعُهُ مِنِّي، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي».
قَالَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ وَقَضَى أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فِي عَاصِمٍ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ أُمَّهُ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحْ.
ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْأَنْصَارِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْأَنْصَارِيَّةَ وَلَهُ مِنْهَا ابْنٌ يُقَال لَهُ عَاصِمٌ، فَتَزَوَّجَتْ مِنْ بَعْدِ عُمَرَ يَزِيدَ بْنَ مُجَمِّعٍ الْأَنْصَارِيَّ فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ، وَكَانَ لَهَا أُمٌّ فَقَبَضَتْ عَاصِمًا إلَيْهَا وَهِيَ جَدَّتُهُ أُمُّ أُمِّهِ وَكَانَ صَغِيرًا فَخَاصَمَهَا عُمَرُ إلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَقَضَى لِجَدَّتِهِ أُمِّ أُمِّهِ بِحَضَانَتِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا.
ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ بِنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَالَتْ الْجَدَّةُ إنِّي حَضَنْته وَعِنْدِي خَيْرٌ لَهُ وَأَرْفَقُ بِهِ مِنْ امْرَأَةٍ غَيْرِي.
قَالَ: صَدَقْتِ، حِضْنُكَ خَيْرٌ لَهُ فَقَضَى لَهَا بِهِ.
قَالَ عُمَرُ: سَمِعْتُ وَأَطَعْتُ.
مَالِكٌ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ بِنَحْوِ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ كَانَ الْغُلَامُ عِنْدَ جَدَّتِهِ بِقُبَاءَ وَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ عَطَاءً الْخُرَاسَانِيَّ يَذْكُرُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رِيحُهَا وَفِرَاشُهَا خَيْرٌ لَهُ مِنْكَ حَتَّى يَكْبُرَ.
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْحَارِثِ فِي الْحَدِيثِ وَكَانَ وَصِيفًا.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ قَالَ: الْمَرْأَةُ إذَا طَلُقَتْ أَوْلَى بِالْوَلَدِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ فَإِنْ خَرَجَ الْوَالِدُ إلَى أَرْضٍ سِوَى أَرْضِهِ يَسْكُنُهَا كَانَ أَوْلَى بِالْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا، وَإِنْ هُوَ خَرَجَ غَازِيًا أَوْ تَاجِرًا كَانَتْ الْمَرْأَةُ أَوْلَى بِوَلَدِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ غَزَا غُزَاةَ انْقِطَاعٍ، قَالَ يَحْيَى وَالْوَلِيُّ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا أُعْتِقَتْ وَلَهَا أَوْلَادٌ صِغَارٌ وَهِيَ فِي وَلَدِهَا بِمَنْزِلَةِ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ الَّتِي تَطْلُقُ وَلَهَا أَوْلَادٌ صِغَارٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ فَأَخَذَتْهُمْ الْجَدَّةُ أَوْ الْخَالَةُ، أَتَكُونُ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى عَلَى الْأَبِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْأَبِ مَا يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ؟
قَالَ: فَهُمْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُجْبَرُ أَحَدٌ عَلَى نَفَقَتِهِمْ إلَّا الْأَبُ وَحْدَهُ إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْت الْأَبَ إذَا كَانَ مُعْسِرًا وَالْأُمَّ مُوسِرَةً، أَتُجْبَرُ الْأُمُّ عَلَى نَفَقَةِ وَلَدِهَا وَهُمْ صِغَارٌ؟
قَالَ مَالِكٌ: لَا تُجْبَرُ الْأُمُّ عَلَى نَفَقَةِ وَلَدِهَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْت إنْ طَلَّقَهَا وَوَلَدُهَا صِغَارٌ، أَيَكُونُ عَلَى الْأَبِ أَجْرُ الرَّضَاعِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.